تفاصيل
المؤلف فرجينيا وولف.
لكن لسوء الحظ فإن الزمان، رغم أثره على الحيوانات والنباتات التي تُزهر أو تذبل، لا يمتلك القدرة ذاتها على العقل البشري. عقل الإنسان عجيب، الذي يؤثر بدوره على جسد الزمان. ساعة زمن، بمجرد أن تسكن الروح البشرية المُلغِزة، قد تصير خمسين أو مائة ضعف، ومن الممكن لنفس الساعة أن تَمرَّ على العقل البشري كثانية واحدة. هذا التناقض المدهش بين منظورنا المادي للوقت، الوقت الذي نسمع تكاته، ونرى عقاربه تجري أمامنا، وبين النظور اللامادي لعقولنا، إشكالية لم يتم تناولها كما ينبغي؛ إشكالية تستحق أن تدرس على أكمل وجه. لكن كاتب السيرة، رغباته محدودة للغاية- كما أشرنا- ولا بد أن يشذب عباراته في عبارة واحدة بسيطة،على هذا الشكل؛ عندما يبلغ المرء الثلاثين، كأورلاندو في هذه اللحظة، سيعرف أن الوقت الذي يستغرقه في التفكير لتنفيذ أمرٍ ما، أطول كثيرًا من الوقت الذي يستغرقه في فعل الأمر نفسه. وهكذا كان يأمر ويدير أملاكه في لحظة، وبغمضة عين يعود وحيدًا فوق التل، أسفل شجرة البلوط، بينما تدور العقارب وتسحب الثواني وراءها لتحتضن الأبديَّة، كأنها لن تسقط منها "ثانية واحدة". تشبَّعت تلك الثواني بأغرب المفاهيم. وجد أورلاندو نفسه يواجه إشكاليات حيَّرت الحكماء أنفسهم: ما الحب؟ ما الصداقة؟ ما الحقيقة؟ وبدأ يفكر فيها بشكل مباشر، وزيادة على ذلك، رأى ماضيه بالكامل، طويلًا ومكتظَّا، وانغمس في "الثانية الواحدة" التي حدث وسقط من جسد الزمن، لتتشظَّى لعشرات أضعافها، فيلونها بألف لون، ويملؤها بكل نثريَّات الكون.
- الرئيسية
- »
- أورلاندو
- يباع من BookST تصفح المنتجات الأخرى
- SKUsku_7_6007
- الشحنالتوصيل العادي ,
-
توصيل
يختلف بالنسبة للمنتجات المشحونة من دولة أخرى
التسليم في غضون 4 أيام عمل - الدولةالكويت
- أيام الارجاع0 يوم
تفاصيل
المؤلف فرجينيا وولف.
لكن لسوء الحظ فإن الزمان، رغم أثره على الحيوانات والنباتات التي تُزهر أو تذبل، لا يمتلك القدرة ذاتها على العقل البشري. عقل الإنسان عجيب، الذي يؤثر بدوره على جسد الزمان. ساعة زمن، بمجرد أن تسكن الروح البشرية المُلغِزة، قد تصير خمسين أو مائة ضعف، ومن الممكن لنفس الساعة أن تَمرَّ على العقل البشري كثانية واحدة. هذا التناقض المدهش بين منظورنا المادي للوقت، الوقت الذي نسمع تكاته، ونرى عقاربه تجري أمامنا، وبين النظور اللامادي لعقولنا، إشكالية لم يتم تناولها كما ينبغي؛ إشكالية تستحق أن تدرس على أكمل وجه. لكن كاتب السيرة، رغباته محدودة للغاية- كما أشرنا- ولا بد أن يشذب عباراته في عبارة واحدة بسيطة،على هذا الشكل؛ عندما يبلغ المرء الثلاثين، كأورلاندو في هذه اللحظة، سيعرف أن الوقت الذي يستغرقه في التفكير لتنفيذ أمرٍ ما، أطول كثيرًا من الوقت الذي يستغرقه في فعل الأمر نفسه. وهكذا كان يأمر ويدير أملاكه في لحظة، وبغمضة عين يعود وحيدًا فوق التل، أسفل شجرة البلوط، بينما تدور العقارب وتسحب الثواني وراءها لتحتضن الأبديَّة، كأنها لن تسقط منها "ثانية واحدة". تشبَّعت تلك الثواني بأغرب المفاهيم. وجد أورلاندو نفسه يواجه إشكاليات حيَّرت الحكماء أنفسهم: ما الحب؟ ما الصداقة؟ ما الحقيقة؟ وبدأ يفكر فيها بشكل مباشر، وزيادة على ذلك، رأى ماضيه بالكامل، طويلًا ومكتظَّا، وانغمس في "الثانية الواحدة" التي حدث وسقط من جسد الزمن، لتتشظَّى لعشرات أضعافها، فيلونها بألف لون، ويملؤها بكل نثريَّات الكون.