
تفاصيل
رواية السويدي بير أولوف إينكويست (1934) التي صدرت قبل 15 عاماً لتحكي قصة انبثاق أول حركة تنويرية تتبناها السلطة في العالم من خلال التشريع وسنّ القوانين، هي اليوم بين يدي القارئ العربي، بجهود المترجمة الفلسطينية سوسن كردوش قسيس. تصنّف «زيارة طبيب صاحب الجلالة» (دار المنى ــ 2015) لإينكويست على أنها رواية تاريخية، كونها تتناول أربع سنوات من عمر المملكة الدنماركية في زمن الملك كريستيان السابع الذي نُعِتَ بالجنون.
السنوات الأربع (1768-1772) شهدت ثورة على يد طبيب ألماني كان مؤمناً بالأفكار التنويرية التي كانت تنتشر سراً في أوروبا منطلقة من فرنسا مركز تطورها الحقيقي آنذاك. حدث هذا عندما عُيّنَ يوهان فريدريخ سترونزي (1737-1772) طبيباً للملك كريستيان السابع ملك الدنمارك في 5 نيسان (أبريل) 1768 ليكسب ثقته منذ لقائهما الأول. بعد ذلك، صار طبيباً خاصاً وحافظ أسرار الملك الذي كان مصاباً بالجنون، ثم يكون على رأس السلطة التشريعية وصاحب توقيع الملك الأول. لكن بعد أربع سنوات من دخول سترونزي القصر، تم إعدامه.
ومنذ ذلك اليوم، وُلِدَ مصطلح مهم في تاريخ الدنمارك يدعى «فترة سترونزي» ليشير إلى الحركة أو «الثورة» أو «التنويرية» ويصير متداولاً بين الدنماركيين منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا. من المؤكد أنّ «زيارة طبيب صاحب الجلالة» هي رواية تاريخية، إلا أن القارئ قد لا يجد صعوبة في تلمس الجهد الذي بذله المؤلف لإخراجها من سياقها التاريخي الممل أحياناً. هكذا، نجح في رسم مشاهد السخرية والمتعة التي كان يقوم بها الملك، من خلال نزواته وغرابة كلامه الأقرب إلى الواقع المرمَّز، وإن جاء على لسان شخص مخبول مهزوز الشخصية. لكن الأهم هو الصياغة الدرامية المتقنة للأحداث التي زينتها شحنات العشق ورومانسية المشاهد التي كان المؤلف يصوّرها لقارئه، وهو يسرد له قصة الحب العارمة التي نشأت بين سترونزي وزوجة الملك الفتاة الإنكليزية كارولين ماتيلدا... وبهذا تكتسب الرواية قوتها في حفاظها على بنيتها وطبيعتها السردية الممتعة، من دون أن تتنازل عن خصوصيتها الروائية لحساب المادة التاريخية، خصوصاً إذا التفتنا إلى المنزلة الرفيعة التي حظيت بها الأفكار التنويرية وأهميتها في إنقاذ الشعب من سلطة الكنيسة والقوانين الجائرة بحق العامة. وكذلك، تلك العلاقة التي كانت تربط ملك الدنمارك بكبار الفلاسفة والمفكرين الفرنسيين ممن يتبنّون الأفكار التنويرية، خصوصاً علاقة الملك بالكاتب والفيلسوف التنويري الفرنسي فولتير (1694-1778)، حيث استمرّ تبادل الرسائل والآراء بينهما حتى وفاة الأخير.
- الرئيسية
- »
- زيارة طبيب صاحب الجلالة
-
يباع من
Bookstore
تصفح المنتجات الأخرى
- SKUsku_45_8177
- الشحنالتوصيل العادي ,
-
توصيل
يختلف بالنسبة للمنتجات المشحونة من دولة أخرى
التسليم في غضون 4 أيام عمل - الدولةالكويت
- أيام الارجاع0 يوم
تفاصيل
رواية السويدي بير أولوف إينكويست (1934) التي صدرت قبل 15 عاماً لتحكي قصة انبثاق أول حركة تنويرية تتبناها السلطة في العالم من خلال التشريع وسنّ القوانين، هي اليوم بين يدي القارئ العربي، بجهود المترجمة الفلسطينية سوسن كردوش قسيس. تصنّف «زيارة طبيب صاحب الجلالة» (دار المنى ــ 2015) لإينكويست على أنها رواية تاريخية، كونها تتناول أربع سنوات من عمر المملكة الدنماركية في زمن الملك كريستيان السابع الذي نُعِتَ بالجنون.
السنوات الأربع (1768-1772) شهدت ثورة على يد طبيب ألماني كان مؤمناً بالأفكار التنويرية التي كانت تنتشر سراً في أوروبا منطلقة من فرنسا مركز تطورها الحقيقي آنذاك. حدث هذا عندما عُيّنَ يوهان فريدريخ سترونزي (1737-1772) طبيباً للملك كريستيان السابع ملك الدنمارك في 5 نيسان (أبريل) 1768 ليكسب ثقته منذ لقائهما الأول. بعد ذلك، صار طبيباً خاصاً وحافظ أسرار الملك الذي كان مصاباً بالجنون، ثم يكون على رأس السلطة التشريعية وصاحب توقيع الملك الأول. لكن بعد أربع سنوات من دخول سترونزي القصر، تم إعدامه.
ومنذ ذلك اليوم، وُلِدَ مصطلح مهم في تاريخ الدنمارك يدعى «فترة سترونزي» ليشير إلى الحركة أو «الثورة» أو «التنويرية» ويصير متداولاً بين الدنماركيين منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا. من المؤكد أنّ «زيارة طبيب صاحب الجلالة» هي رواية تاريخية، إلا أن القارئ قد لا يجد صعوبة في تلمس الجهد الذي بذله المؤلف لإخراجها من سياقها التاريخي الممل أحياناً. هكذا، نجح في رسم مشاهد السخرية والمتعة التي كان يقوم بها الملك، من خلال نزواته وغرابة كلامه الأقرب إلى الواقع المرمَّز، وإن جاء على لسان شخص مخبول مهزوز الشخصية. لكن الأهم هو الصياغة الدرامية المتقنة للأحداث التي زينتها شحنات العشق ورومانسية المشاهد التي كان المؤلف يصوّرها لقارئه، وهو يسرد له قصة الحب العارمة التي نشأت بين سترونزي وزوجة الملك الفتاة الإنكليزية كارولين ماتيلدا... وبهذا تكتسب الرواية قوتها في حفاظها على بنيتها وطبيعتها السردية الممتعة، من دون أن تتنازل عن خصوصيتها الروائية لحساب المادة التاريخية، خصوصاً إذا التفتنا إلى المنزلة الرفيعة التي حظيت بها الأفكار التنويرية وأهميتها في إنقاذ الشعب من سلطة الكنيسة والقوانين الجائرة بحق العامة. وكذلك، تلك العلاقة التي كانت تربط ملك الدنمارك بكبار الفلاسفة والمفكرين الفرنسيين ممن يتبنّون الأفكار التنويرية، خصوصاً علاقة الملك بالكاتب والفيلسوف التنويري الفرنسي فولتير (1694-1778)، حيث استمرّ تبادل الرسائل والآراء بينهما حتى وفاة الأخير.