
Details
«أحسست أن هذا الذي ظهر أمامي شبيه بأعجوبة. انفتح صندوق حياتي الأسود في خريف عمري. ولكنني لم أجد في داخله حتى هذه اللحظة سوی صندوق أسود آخر، وربما كان هذا يحتوي بدوره على صندوق آخر أصغر منه وهلم جرا، تمامأمثل
عرائس الماتريوشكا الروسية التي تحتوي كل منها على عروس أصغر في داخلها»۔ في بداية بحثها عن أمها، لم تكن في حوزة ناتاشافودين أي معلومات ذگر. كانت تعرف اسم أمها، وتاريخ مولدها ومكانه، وتاريخ زواجها وتاريخ وصولها إلى ألمانيا. إلى ذلك، كانت تمتلك 3 صور فوتوغرافية، وبعض الذكريات المشكوك في صدقيتها. من هنا انطلقت، لتتمكن في
النهاية من إعادة سرد قصتها الكاملة. قصة شخص واحد تحمل في طياتها مصير الملايين لم يأت بحثي عن اسم أمي على الموقع الروسي في هذا التوقيت بالذات بمحض المصادفة. فلطالما شغلتني فكرة الكتابة عن حياة أمي، ولاسيما عما كانت عليه تلك المرأة قبل ولادتي، سواء في أوكرانيا أو في معسكر العمالة في ألمانيا. ولكنني لا أعرف أي شيء تقريبا عن تلك المرأة، فهي لم تتحدث قطعن فترة عملها بالسخرة، لاهي ولا حتى أبي. وكل ما تبقى في ذاكرتي من حكاياتهاعن حياتها
في أوكرانيا لايتعدى كونه أطياف سراب خداعة. لم يكن أمامي إلا أن أحاول كتابة سيرة ذاتية خيالية عن أمي، مستندة فيها إلى السرد التاريخي وإلى الحقائق المعروفة عن الفترة والأماكن التي عاشت فيها. ظللت أبحث لسنوات عديدة عنأي كتاب لعامل من عقال السخرة السابقين، أو عن صوت أدبي واحدیمکنني الاسترشاد به، ولكن بلا جدوى. ففي الوقت الذي قدم الناجون من معسكرات الإبادة النازية أدبا عالما امتلأت على أثره المكتبات بكتب عن الهولوكوست، لزم عمال السخرة من غير اليهود الصمت، أولئك الذين نجوا من الإبادة القائمة على السخرة. هؤلاء جرى ترحيلهم بالملايين إلى الرايخ الألماني».
- Home
- »
- A woman from Mariupol
-
Sold by
Bookstore
See other items
- SKUsku_5_2541
- ShippingOODDSS Economy Delivery 1KD,
-
Delivery
Varies for items shipped from an international location
Delivery within 4 business days - CountryKuwait
- Return0 days
Details
«أحسست أن هذا الذي ظهر أمامي شبيه بأعجوبة. انفتح صندوق حياتي الأسود في خريف عمري. ولكنني لم أجد في داخله حتى هذه اللحظة سوی صندوق أسود آخر، وربما كان هذا يحتوي بدوره على صندوق آخر أصغر منه وهلم جرا، تمامأمثل
عرائس الماتريوشكا الروسية التي تحتوي كل منها على عروس أصغر في داخلها»۔ في بداية بحثها عن أمها، لم تكن في حوزة ناتاشافودين أي معلومات ذگر. كانت تعرف اسم أمها، وتاريخ مولدها ومكانه، وتاريخ زواجها وتاريخ وصولها إلى ألمانيا. إلى ذلك، كانت تمتلك 3 صور فوتوغرافية، وبعض الذكريات المشكوك في صدقيتها. من هنا انطلقت، لتتمكن في
النهاية من إعادة سرد قصتها الكاملة. قصة شخص واحد تحمل في طياتها مصير الملايين لم يأت بحثي عن اسم أمي على الموقع الروسي في هذا التوقيت بالذات بمحض المصادفة. فلطالما شغلتني فكرة الكتابة عن حياة أمي، ولاسيما عما كانت عليه تلك المرأة قبل ولادتي، سواء في أوكرانيا أو في معسكر العمالة في ألمانيا. ولكنني لا أعرف أي شيء تقريبا عن تلك المرأة، فهي لم تتحدث قطعن فترة عملها بالسخرة، لاهي ولا حتى أبي. وكل ما تبقى في ذاكرتي من حكاياتهاعن حياتها
في أوكرانيا لايتعدى كونه أطياف سراب خداعة. لم يكن أمامي إلا أن أحاول كتابة سيرة ذاتية خيالية عن أمي، مستندة فيها إلى السرد التاريخي وإلى الحقائق المعروفة عن الفترة والأماكن التي عاشت فيها. ظللت أبحث لسنوات عديدة عنأي كتاب لعامل من عقال السخرة السابقين، أو عن صوت أدبي واحدیمکنني الاسترشاد به، ولكن بلا جدوى. ففي الوقت الذي قدم الناجون من معسكرات الإبادة النازية أدبا عالما امتلأت على أثره المكتبات بكتب عن الهولوكوست، لزم عمال السخرة من غير اليهود الصمت، أولئك الذين نجوا من الإبادة القائمة على السخرة. هؤلاء جرى ترحيلهم بالملايين إلى الرايخ الألماني».