
Details
اسم المؤلف زيجمونت باومان
قطعت الحداثة الغربية على نفسها وعوداً كثيرة، من بينها الوعد باستئصال الخوف من العالم، وإخضاعه لإدارة بشرية وعقلانية، وكان ذلك يعني استبعاد لغة القضاء والقدر، والبلاء والابتلاء؛ والتحول إلى لغة الإرادة والاستحقاق والمسؤولية والإدارة والمحاسبة. وكانت هذه المفردات الجديدة تطمح إلى محاربة المجالات الثلاثة التي يصدر عنها الخوف؛أولاً: جموح الطبيعة، فقد أعلنت الحداثةعزمها على استئصال الخوف الكوني الصادر عن طبيعة هائجة لا يمكن السيطرة عليها، فأهملت فكرة القضاء والقدر، وحمّلت الإنسان المسؤولية عن الشر ودعت إلى الكف عن لوم الإله على ذلك.ثانياً: هشاشة جسد الإنسان، وخوفه من أمراضه، فحاربت الحداثةالشبح المخيف الذي يطرق الأبواب ليقبض الأرواح وصار للموت أسباب “طبيعية”. ثالثاً: العدوان البشري، القائم على مقولة توماس هوبز بأن “الإنسان ذئب لأخيه الإنسان”، فكان الحل بوجود دولة قوية تهذب الرغبات الكامنة في الإنسان، دولة تعتمد “جهنم الدنيوية الواقعية” بدلاً من “جهنم الأخروية المتخيلة”. وعلى الغرم من كل هذه المحاولات والأمل في التخلص من آثار الدولة الشمولية، ونزعاتها المتطرفة، وتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية من أجل استئصال الخوف من المستقبل، وتحقيق الأمن الاجتماعي، إلا أننا ما زلنا أمام دولة انسحبت من أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأفسحت الطريق أمام عولمة الاقتصاد وعولمة الجريمة وعولمة الإرهاب، وباتت الدولة نفسها تبرر القتل الجماعي ونزع إنسانية الإنسان.
- Home
- »
- Arabic Book
-
Sold by
booksh
See other items
- SKUsku_30_8925
- ShippingOODDSS Economy Delivery 1KD,
-
Delivery
Varies for items shipped from an international location
Delivery within 4 business days - CountryKuwait
- Return0 days
Details
اسم المؤلف زيجمونت باومان
قطعت الحداثة الغربية على نفسها وعوداً كثيرة، من بينها الوعد باستئصال الخوف من العالم، وإخضاعه لإدارة بشرية وعقلانية، وكان ذلك يعني استبعاد لغة القضاء والقدر، والبلاء والابتلاء؛ والتحول إلى لغة الإرادة والاستحقاق والمسؤولية والإدارة والمحاسبة. وكانت هذه المفردات الجديدة تطمح إلى محاربة المجالات الثلاثة التي يصدر عنها الخوف؛أولاً: جموح الطبيعة، فقد أعلنت الحداثةعزمها على استئصال الخوف الكوني الصادر عن طبيعة هائجة لا يمكن السيطرة عليها، فأهملت فكرة القضاء والقدر، وحمّلت الإنسان المسؤولية عن الشر ودعت إلى الكف عن لوم الإله على ذلك.ثانياً: هشاشة جسد الإنسان، وخوفه من أمراضه، فحاربت الحداثةالشبح المخيف الذي يطرق الأبواب ليقبض الأرواح وصار للموت أسباب “طبيعية”. ثالثاً: العدوان البشري، القائم على مقولة توماس هوبز بأن “الإنسان ذئب لأخيه الإنسان”، فكان الحل بوجود دولة قوية تهذب الرغبات الكامنة في الإنسان، دولة تعتمد “جهنم الدنيوية الواقعية” بدلاً من “جهنم الأخروية المتخيلة”. وعلى الغرم من كل هذه المحاولات والأمل في التخلص من آثار الدولة الشمولية، ونزعاتها المتطرفة، وتأسيس دولة الرعاية الاجتماعية من أجل استئصال الخوف من المستقبل، وتحقيق الأمن الاجتماعي، إلا أننا ما زلنا أمام دولة انسحبت من أدوارها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأفسحت الطريق أمام عولمة الاقتصاد وعولمة الجريمة وعولمة الإرهاب، وباتت الدولة نفسها تبرر القتل الجماعي ونزع إنسانية الإنسان.