Details
اسم المؤلف كمال أبو ديب
ينتمي هذا النص إلى نمط من الكتابة الإبداعية يمكن تسميتها بـ"الأدب العجائبي" أو "الأدب الخوارقي"، هنا يجمح الخيال الخلاق مخترقاً حدود المعقول والمنطقي والتاريخي والواقعي، ومخضعاً كل ما في الوجود، من الطبيعي إلى الماورائي، لقوة واحدة فقط: هي قوة الخيال المبدع المبتكر الذي يجوب الوجود بإحساس مطلق بالحرية المطلقة. يعجن العالم كما يشاء، ويصوغ ما يشاء غير خاضع إلا لشهواته ولمتطلباته الخاصة ولما يختار هو أن يرسمه من قوانين وحدود. إنه الخيال جامحاً، طليقاً منتهكاً. ولعل أبرز ما يلفت في مستهل النص الطليق الراهن هو استخدامه للعبة التوثيق التاريخية التي ارتبطت في تراثه بالمقدس وتأسيسه وتوثيقه وترسيخه، وهي آلية السلسلة الرواتية (أو السند): حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن فلان. فلقد ابتكرت هذه الطريقة الرصينة الصارمة من أجل توثيق الحديث الشريف أصلاً، وحين انتقلت إلى التاريخي فإنما حدث ذلك من أجل إضفاء الموثوقية والرصانة والحقيقية على المسرود التاريخي. وها هو ذا نص الخيال الطليق ينقلها إلى مجال التخيلي المبدع، بل إنه ليبلغ في استغلالها الدرجة القصوى إذ ينهي السلسلة بأن ينسب مضمون ما يروي فيها إلى واحد من أركان رواية الحديث النبوي والصحابة البارزين (هو عبد الله بن سلام) ويجعل المتلقي لها صحابياً جليلاً آخر هو ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، كل ذلك ليمنح ما يرويه موثوقية المقدس وحقيقيته وصرامته، مع أن ما يضفي هذه الحقيقية والقداسة والموثوقية إبداع محض وابتكار خالص وتفنن في التفتيق والتذويب والتركيب والتجاوز والعجن والصوغ لا يكاد يفوقه نموذج آخر من نماذج ابتكارية الإنسان وطاقاته المذهلة على الرحيل الدائم في عالم اللامحدود واللامرئي واللامألوف والعجائبي الخوارقي الإدهاشي. بمثل هذا النص يحق للإبداعية العربية أن تنسب لنفسها، في سياق التاريخ الأدبي الذي كانت تعيه، ابتكار فن أدبي جديد هو فن العجائبي والخوارقي، فن اللامحدود واللامألوف، فن الخيال المتجاوز الطليق وابتكار المتخيل الذي لا تحده حدود. ويجلو ذلك عبثية الادعاءات الصريحة أو المتضمنة التي يقوم عليها عمل باحثين مثل تزفيتان تودوروف ينسبون إلى الغرب حصراً ابتكار ما أسموه الآن "الفانتاستيك" وعبثية من يتعقبهم من الباحثين وهواة البحث من العرب الذين يفتنهم كل غربي، منتحلاً كان أو أصيلاً، ويقرون لكل غربي بما يزعمه لنفسه لمجرد أنه زعمه لنفسه، كأنما هو أمر لا يأتيه الباطل من أمام أو وراء أو باطن أو ظاهر أو خلف أو جنيين أو فوق أو تحت. ثم إن ما يظهره هذا النص والتراث الخلاق الذي ينتمي إليه هو عقم ادعاءات باحثين غربيين من مثل أرنست رينان الذي ينسب إليه وصف الساميين ومنهم العرب بأنهم لا خيال لهم، عالقون بالحسي المباشر المدرك دون جهد، منشبكون في أسر المادي الواضح لكل عين، وتبعه في ذلك كتاب من مثل أبي القاسم الشابي فزادوا على باطله باطلاً، وكتب الشابي كتاباً يكاد المرء يخجل من أنه ما يزال مقروءاً في الثقافة العربية هو الخيال الشعري عند العرب. نبذة الناشر: كثيراً ما اتهم العرب بأنهم لم يبلغوا ما بلغه الغرب في بعض الفنون الإبداعية لسيطرة الحسية على أدبهم وضعف خيالهم. ولعل "كتاب العظمة" دليل على أن الأدب العجائبي أو الخوارقي أو "الفانتاستيك" بحسب المصطلح الغربي، له جذوره البعيدة في تراثنا العربي القديم. يدخلك هذا الكتاب عالم الخلق الأول للأكوان المتعددة والماورائيات ويطلعك على أحوال أهل النار وأهل الجنة حيث الحوار العين والماء والخمر واللبن والعسل، ويرفع الحجب عن مشهد ولي الله وهو يضاجع من يشاء من حوريات الجنة مقدار أربعين سنة في المرة الواحدة ولا تنطفئ شهوته. أليس هذا الكتاب، ورسالة الغفران، وألف ليلة وليلة، ما يشهد للخيال العربي بقدرته على اختراق حدود المعقول والواقعي؟
- Home
- »
- Arabic Book
- Sold by booksh See other items
- SKUsku_23_949
- ShippingOODDSS Economy Delivery 1KD,
-
Delivery
Varies for items shipped from an international location
Delivery within 4 business days - CountryKuwait
- Return0 days
Details
اسم المؤلف كمال أبو ديب
ينتمي هذا النص إلى نمط من الكتابة الإبداعية يمكن تسميتها بـ"الأدب العجائبي" أو "الأدب الخوارقي"، هنا يجمح الخيال الخلاق مخترقاً حدود المعقول والمنطقي والتاريخي والواقعي، ومخضعاً كل ما في الوجود، من الطبيعي إلى الماورائي، لقوة واحدة فقط: هي قوة الخيال المبدع المبتكر الذي يجوب الوجود بإحساس مطلق بالحرية المطلقة. يعجن العالم كما يشاء، ويصوغ ما يشاء غير خاضع إلا لشهواته ولمتطلباته الخاصة ولما يختار هو أن يرسمه من قوانين وحدود. إنه الخيال جامحاً، طليقاً منتهكاً. ولعل أبرز ما يلفت في مستهل النص الطليق الراهن هو استخدامه للعبة التوثيق التاريخية التي ارتبطت في تراثه بالمقدس وتأسيسه وتوثيقه وترسيخه، وهي آلية السلسلة الرواتية (أو السند): حدثنا فلان عن فلان عن فلان عن فلان. فلقد ابتكرت هذه الطريقة الرصينة الصارمة من أجل توثيق الحديث الشريف أصلاً، وحين انتقلت إلى التاريخي فإنما حدث ذلك من أجل إضفاء الموثوقية والرصانة والحقيقية على المسرود التاريخي. وها هو ذا نص الخيال الطليق ينقلها إلى مجال التخيلي المبدع، بل إنه ليبلغ في استغلالها الدرجة القصوى إذ ينهي السلسلة بأن ينسب مضمون ما يروي فيها إلى واحد من أركان رواية الحديث النبوي والصحابة البارزين (هو عبد الله بن سلام) ويجعل المتلقي لها صحابياً جليلاً آخر هو ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان، كل ذلك ليمنح ما يرويه موثوقية المقدس وحقيقيته وصرامته، مع أن ما يضفي هذه الحقيقية والقداسة والموثوقية إبداع محض وابتكار خالص وتفنن في التفتيق والتذويب والتركيب والتجاوز والعجن والصوغ لا يكاد يفوقه نموذج آخر من نماذج ابتكارية الإنسان وطاقاته المذهلة على الرحيل الدائم في عالم اللامحدود واللامرئي واللامألوف والعجائبي الخوارقي الإدهاشي. بمثل هذا النص يحق للإبداعية العربية أن تنسب لنفسها، في سياق التاريخ الأدبي الذي كانت تعيه، ابتكار فن أدبي جديد هو فن العجائبي والخوارقي، فن اللامحدود واللامألوف، فن الخيال المتجاوز الطليق وابتكار المتخيل الذي لا تحده حدود. ويجلو ذلك عبثية الادعاءات الصريحة أو المتضمنة التي يقوم عليها عمل باحثين مثل تزفيتان تودوروف ينسبون إلى الغرب حصراً ابتكار ما أسموه الآن "الفانتاستيك" وعبثية من يتعقبهم من الباحثين وهواة البحث من العرب الذين يفتنهم كل غربي، منتحلاً كان أو أصيلاً، ويقرون لكل غربي بما يزعمه لنفسه لمجرد أنه زعمه لنفسه، كأنما هو أمر لا يأتيه الباطل من أمام أو وراء أو باطن أو ظاهر أو خلف أو جنيين أو فوق أو تحت. ثم إن ما يظهره هذا النص والتراث الخلاق الذي ينتمي إليه هو عقم ادعاءات باحثين غربيين من مثل أرنست رينان الذي ينسب إليه وصف الساميين ومنهم العرب بأنهم لا خيال لهم، عالقون بالحسي المباشر المدرك دون جهد، منشبكون في أسر المادي الواضح لكل عين، وتبعه في ذلك كتاب من مثل أبي القاسم الشابي فزادوا على باطله باطلاً، وكتب الشابي كتاباً يكاد المرء يخجل من أنه ما يزال مقروءاً في الثقافة العربية هو الخيال الشعري عند العرب. نبذة الناشر: كثيراً ما اتهم العرب بأنهم لم يبلغوا ما بلغه الغرب في بعض الفنون الإبداعية لسيطرة الحسية على أدبهم وضعف خيالهم. ولعل "كتاب العظمة" دليل على أن الأدب العجائبي أو الخوارقي أو "الفانتاستيك" بحسب المصطلح الغربي، له جذوره البعيدة في تراثنا العربي القديم. يدخلك هذا الكتاب عالم الخلق الأول للأكوان المتعددة والماورائيات ويطلعك على أحوال أهل النار وأهل الجنة حيث الحوار العين والماء والخمر واللبن والعسل، ويرفع الحجب عن مشهد ولي الله وهو يضاجع من يشاء من حوريات الجنة مقدار أربعين سنة في المرة الواحدة ولا تنطفئ شهوته. أليس هذا الكتاب، ورسالة الغفران، وألف ليلة وليلة، ما يشهد للخيال العربي بقدرته على اختراق حدود المعقول والواقعي؟