
Details
اسم المؤلف د.حسين علي
حين نشرع في وضع تعريف للفلسفة، فسرعان ما تعترضنا الصعوبات، وذلك لأن الفلسفة هي نشاط عقلي أكثر من كونها موضوعاً أو بناءً للمعرفة، وتعريف النشاط أصعب دائماً من تعريف الكيان أو الشيء المحدد المعالم، ويحاول البعض أحياناً تجنب هذه الصعوبة بالقول إنه لا يوجد شيء اسمه "فلسفة"، بل يوجد فقط تفلسف، وهو النشاط العقلي الواعي الذي يحاول به الناس كشف طبيعة الفكر، وطبيعة الواقع، ومعنى التجربة الإنسانية. إن مهمة الفيلسوف تقتضي منه الاقتصاد من إغراق الناس في التحليلات والتفصيلات، والتفريعات، والمناقشات، كما تفرض عليه الاختيار فيما يتناوله. فمشكلات الإنسان، والحرية، والديموقراطية، وعلاقة الفرد بالدولة، والحياة والتاريخ والتعريف بتيارات الفكر المعاصر قد تكون، في لحظتنا الزمنية الراهنة، وموقفنا السياسي والاجتماعي والثقافي الحاضر وسط أشواك التخلف الرهيب، في كل شيء، أولى من مشكلات متخصصة أخرى أشد بعداً وتجريداً. وليس هذا تنازلاً من الفيلسوف، وإنما هو ضرورة تحتمها طبيعة الفلسفة نفسها، فليس "لمقال" الفيلسوف من سبب يبرره إلا إذا اتجه على غير الفيلسوف. ولن يحقق وظيفته حتى يكون مقالاً واضحاً، وتكون لديه القدرة على توضيح تصور الإنسان عن ذاته والذوات الأخرى التي يشاركها الحياة، ويتحمل المسؤولية عنها.
- Home
- »
- Arabic Book
-
Sold by
booksh
See other items
- SKUsku_2_3982
- ShippingOODDSS Economy Delivery 1KD,
-
Delivery
Varies for items shipped from an international location
Delivery within 4 business days - CountryKuwait
- Return0 days
Details
اسم المؤلف د.حسين علي
حين نشرع في وضع تعريف للفلسفة، فسرعان ما تعترضنا الصعوبات، وذلك لأن الفلسفة هي نشاط عقلي أكثر من كونها موضوعاً أو بناءً للمعرفة، وتعريف النشاط أصعب دائماً من تعريف الكيان أو الشيء المحدد المعالم، ويحاول البعض أحياناً تجنب هذه الصعوبة بالقول إنه لا يوجد شيء اسمه "فلسفة"، بل يوجد فقط تفلسف، وهو النشاط العقلي الواعي الذي يحاول به الناس كشف طبيعة الفكر، وطبيعة الواقع، ومعنى التجربة الإنسانية. إن مهمة الفيلسوف تقتضي منه الاقتصاد من إغراق الناس في التحليلات والتفصيلات، والتفريعات، والمناقشات، كما تفرض عليه الاختيار فيما يتناوله. فمشكلات الإنسان، والحرية، والديموقراطية، وعلاقة الفرد بالدولة، والحياة والتاريخ والتعريف بتيارات الفكر المعاصر قد تكون، في لحظتنا الزمنية الراهنة، وموقفنا السياسي والاجتماعي والثقافي الحاضر وسط أشواك التخلف الرهيب، في كل شيء، أولى من مشكلات متخصصة أخرى أشد بعداً وتجريداً. وليس هذا تنازلاً من الفيلسوف، وإنما هو ضرورة تحتمها طبيعة الفلسفة نفسها، فليس "لمقال" الفيلسوف من سبب يبرره إلا إذا اتجه على غير الفيلسوف. ولن يحقق وظيفته حتى يكون مقالاً واضحاً، وتكون لديه القدرة على توضيح تصور الإنسان عن ذاته والذوات الأخرى التي يشاركها الحياة، ويتحمل المسؤولية عنها.