Details
اسم المؤلف صافي ناز كاظم
لا أذكر متى بدأت الكتابة، دائمًا بيدي قلم، حتى قبل أن أعي الحروف أمسكت بقلم وسطرت خطوطًا حلزونية واقتنعتُ أنني كتبتُ خطابًا، ونفذتُ إصراري ليأخذوني أُلقي به في صندوق البريد بنفسي لأتأكد من جديَّة التنفيذ. أدركتُ -بعد سنوات كثيرة- متى يمكن أن يكره الكاتب الكتابة، ومتى يعمد إلى الهرب منها، عندما توصد في وجهه الأبواب، وتُغلق النوافذ، وتُسد الدُّروب بالمحاذير، تضحى الكتابة مونولوجًا: حوارًا مع الذات لا يُعطي ميلادًا. فما إن يكلِّفني أحد بكتابةٍ حتى يدبَّ النُّعاس في أوصالي، وأدفن رأسي في وسادتي القطنية وأُعلن وفاتي، محاولةً الهرب من الحرج من واقعٍ لا يزال البعض غير معترف به: أنني كاتبة صارت تكره الكتابة، كيلت لها اللكمات طويلًا فتكلَّست طاقتها واكتأبت، وقالت: الصمتُ يليقُ بي. حين أطمئن إلى استتباب موتي، أستشعر حياةً تعود بي إلى حالة التولُّد السابق للكتابة، فأرفع رأسي وقد بدأ الغزل ينسج خيوطًا أولى، وأجلس، أنهض، أُمسك القلم، أضع الأوراق. لا تخافي ما زال بإمكانِك ألا تكتبي.. العنوان.. البداية، ما زلتِ مالكةً أمرك، في أي لحظة يمكن أن تمزِّقي الأوراق. لكن لا بأس: ها هي الكلمات تتشكَّل وتدفع بعضها البعض. الكتابة تأخذ بتلابيبي، تثأر مني لأنني كنت التي آخذُ بتلابيبها.. وأدقُّ بها فوقَ رءوس كثيرة!
- Home
- »
- Arabic Book
- Sold by booksh See other items
- SKUsku_12_5629
- ShippingOODDSS Economy Delivery 1KD,
-
Delivery
Varies for items shipped from an international location
Delivery within 4 business days - CountryKuwait
- Return0 days
Details
اسم المؤلف صافي ناز كاظم
لا أذكر متى بدأت الكتابة، دائمًا بيدي قلم، حتى قبل أن أعي الحروف أمسكت بقلم وسطرت خطوطًا حلزونية واقتنعتُ أنني كتبتُ خطابًا، ونفذتُ إصراري ليأخذوني أُلقي به في صندوق البريد بنفسي لأتأكد من جديَّة التنفيذ. أدركتُ -بعد سنوات كثيرة- متى يمكن أن يكره الكاتب الكتابة، ومتى يعمد إلى الهرب منها، عندما توصد في وجهه الأبواب، وتُغلق النوافذ، وتُسد الدُّروب بالمحاذير، تضحى الكتابة مونولوجًا: حوارًا مع الذات لا يُعطي ميلادًا. فما إن يكلِّفني أحد بكتابةٍ حتى يدبَّ النُّعاس في أوصالي، وأدفن رأسي في وسادتي القطنية وأُعلن وفاتي، محاولةً الهرب من الحرج من واقعٍ لا يزال البعض غير معترف به: أنني كاتبة صارت تكره الكتابة، كيلت لها اللكمات طويلًا فتكلَّست طاقتها واكتأبت، وقالت: الصمتُ يليقُ بي. حين أطمئن إلى استتباب موتي، أستشعر حياةً تعود بي إلى حالة التولُّد السابق للكتابة، فأرفع رأسي وقد بدأ الغزل ينسج خيوطًا أولى، وأجلس، أنهض، أُمسك القلم، أضع الأوراق. لا تخافي ما زال بإمكانِك ألا تكتبي.. العنوان.. البداية، ما زلتِ مالكةً أمرك، في أي لحظة يمكن أن تمزِّقي الأوراق. لكن لا بأس: ها هي الكلمات تتشكَّل وتدفع بعضها البعض. الكتابة تأخذ بتلابيبي، تثأر مني لأنني كنت التي آخذُ بتلابيبها.. وأدقُّ بها فوقَ رءوس كثيرة!